الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة هل أرادت «الكاف» إرسال النجم الساحلي إلى «الجحيم» في غينيا؟!

نشر في  09 أفريل 2014  (13:04)

وجّهت إدارة النجم الرياضي الساحلي مراسلة إلى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم «الكاف» تطالب فيها بنقل مباراة فريقها ضد نادي حوريا كوناكري من غينيا إلى بلد آخر بسبب تخوّفها من تعرّض لاعبيها لـ «فيروس إيبولا» القاتل خاصة بعد التقارير المفزعة التي نشرتها المنظمات الصحية العالمية، وبعد إصابة علي المشاني مدافع النادي البنزرتي بإلتهاب الكبد عند تنقله رفقة فريقه إلى نيجيريا لمواجهة المضيف «واري وولفس» ضمن ذهاب ثمن نهائي كأس «الكاف» يوم 20 من مارس الماضي. ومعلوم أن «فيروس إيبولا» المنتشر في البلدان الإستوائية لقارة إفريقيا يسبّب لصاحبه حمى معدية وسريعة الإنتشار وتظهر عليه بعض الأعراض كالزكام والصداع والغثيان، وقد يلقى حتفه عند نهاية المطاف أو يصاب بداء التهاب الكبد.
ورغم تشبث فريق «حوريا كوناكري» بإجراء المباراة فوق ميدانه وأمام جماهيره شأنه في ذلك شأن الاتحاد الغيني لكرة القدم الذي بعث بمراسلة في نهاية الأسبوع الفارط يؤكد فيها بأن الأمر ليس بالخطورة التي يتصوّرها النجم الساحلي، فإن كل التقارير الصادرة عن المنظمات الصحية الدولية تشير إلى خطورة الوضع واحتمال الإصابة بهذا «الفيروس» للقادمين إلى غينيا خلافا لما تدّعيه الجامعة الغينية ناهيك أن السينغال الموجودة على الحدود مع غينيا سارعت إلى إغلاق حدودها كي تحول دون انتشار «الفيروس» إلى أراضيها، كما أن انتشار «الفيروس» هناك دفع أيضاً بنجم الموسيقى السينغالي «يوسو ندور» إلى إلغاء حفل موسيقي كان مقررا في نهاية الأسبوع في العاصمة الغينية وذلك خوفا من الإصابة بهذا الداء.
من جهتها قالت منظمة أطباء بلا حدود إن غينيا تواجه «تفشيا غير مسبوق» لوباء إيبولا الذي أدى إلى وفاة 78 شخصا في البلاد حتى الآن، وهو الرقم الذي أكدته أيضا وزارة الصحة الغينية التي أعلنت أن عدد الوفيات وصل فعلا مع نهاية الأسبوع الماضي إلى 78 من بين 122 حالة اشتبه في إصابتها بالمرض.
أمّا أحد أخصائيي الأوبئة بمنظمة أطباء بلا حدود وهو «ميشيل فان هيرب» فقد أكّد أن منظمته تواجه وباء بحجم لم تعرفه من قبل.
هذه المعلومات والحقائق تسند طلب إدارة النجم الساحلي وتدعمه لتغيير مكان المباراة خصوصا وأن وباء «إيبولا» يعدّ أحد أخطر الأمراض القاتلة المعدية على مستوى العالم وهو الذي تبلغ معدلات وفاة المصابين به نحو 90 بالمائة.
إلى جانب ذلك وتأكيدا على خطورة الوضع الذي تعيشه غينيا بسبب هذا الوباء وفي تناغم تامّ مع تخوفات ممثلنا في هذه المواجهة المنتظرة، تحركت فرنسا واتخذت إجراءات صارمة لمنع وصول الوباء للأراضي الفرنسية، وفي هذا الإطار أعلنت «ماريزول توران» وزيرة الشؤون الاجتماعية الفرنسية عن نشر فرق طبية فرنسية بمطار كوناكرى بغينيا للحد من خطر وصول فيروس الإيبولا إلى فرنسا، لذلك وانطلاقا من هذه المعطيات من حق النجم المطالبة بخوض المباراة بعيدا عن غينيا، ومن واجب الإتحاد الإفريقي الموافقة على هذا الطلب، بل اتخاذ قرار تغيير مكان الملعب ولو كانت «الكاف» تحسن تصريف الأشياء لكانت المبادرة بذلك، لأن ضمان سلامة اللاعبين يبقى من أولويات الاتحادات المحلية والقارية والدولية، وهي خط أحمر لا نقاش فيه، فصحّة اللاعبين تونسيين كانوا أيّا كانت جنسيتهم تمرّ قبل الكرة وذلك مهما كان حجم الرّهان، ولو أن الرّهان في المسابقات الإفريقية لا يثير الإهتمام، بل هو بائس متواضع إلى أبعد الحدود..
من جهة أخرى ودائما في إطار عدوى الفيروسات التي تهدّد وتصيب اللاعبين، لم يخف الجهاز الطبي لنادي الأهلي المصري إصابة لاعب الفريق الجديد «موسي إيدان» بفيروس غامض في الدم يؤثر على مجهوده خلال المباريات ويصيبه بحالة من الإجهاد الشديد بعد انتهائها.. ويعتقد الطاقم الطبي للنادي المصري أن تكون العدوى قد انتقلت للاعب من رحلة تنزانيا بعد الخسارة بهدف نظيف أمام يانج أفريكانز في ذهاب دور الـ 32 لدوري أبطال أفريقيا.
والثابت أن هذه الأوبئة والفيروسات الخطيرة تعطي صورة حقيقية عن الأخطار التي تحدّق بشعوب بعض البلدان الإفريقية وبالزائرين لها علاوة طبعا على مسلسل الجوع المخيف المستمر منذ عدة عقود في هذه القارة المنكوبة بعاهات الفقر والخصاصة والامراض. ولكن رغم الكوارث والمجاعة والجفاف والأمراض والأوبئة ورغم الصراعات الدموية على الحكم، رغم كل ذلك تمكنت القارة الإفريقية على مر التاريخ من إنجاب لاعبين كبار قارعوا اقوى اللاعبين على المستوى العالمي إن كان الشعار واحدا وهو التالق و النجومية على غرار سامويل ايتو و ديديي دروقبا و عمر كانوتي ومن قبلهم روجي ميلا وأبيدي بيلي وغيرهم من اللاعبين الذين قدموا أحلى وأروع اللوحات الكروية في أقوى البطولات الأوروبية ليتأكد مرة أخرى أن العزيمة والرغبة في التحدي والإصرار على الإبداع يمكن أن تهزم كلّ العوائق على شراستها، وما خروج هؤلاء من رحم الفقر والجوع إلا دليل أن مثل هذه الظروف الصعبة يمكن أن تكون حافزا لتحقيق ما كان يبدو صعب المنال بل حتّى مستحيل..
تلك هي افريقيا التي ننتمي اليها، نقبلها بكل تناقضاتها، بحلوها ومرّها، ولكن ليس معنى ذلك أن نرمي بلاعبينا إلى التهلكة وندفع بفريق تونسي إلى مكان بات بؤرة لفيروس قاتل..
فنحن وبقدر حبنا لأفريقيا واعتزازنا بالإنتماء اليها، نخشى على لاعبينا ونعتبر إجبارهم على الذهاب إلى غينيا جريمة بكل المقاييس بطلها الرئيسي سيكون -دون شك- الإتّحاد الإفريقي لكرة القدم، اتحاد المظالم والمهازل والركوب على القانون.

بقلم: عادل بوهلال